أوتار القلب أوس بقلم منال سالم
المحتويات
صغير بلا رقيب ولا حسيب أحاسيس جمعت بين الضعف والخۏف والوحدة والرهبة ارتعد من احتمالية خوض وليده الذكر ما مر به لينشأ مثله قاسېا جاحدا وناقما على أبويه. نفض مؤقتا تلك الأفكار السوداوية التي اجتاحت عقله كان عليه أن يبذل مجهودا كبيرا ليخفي ذلك فلا ينتقص من فرحة حبيبته شيء.
تلهفت شوقا واشتياقا لرؤية والدتها بعد عودتها سالمة إلى أرض الوطن ونجاح جراحتها اضطرت مرغمة أن تؤجل زيارتها لها ريثما يسمح لها زوجها بذلك وفق ترتيبه الصارم خشية من تعرضها للإيذاء على يد المتلصصين من الصحفيين ومتتبعي الأخبار رقص قلبها طربا لمجرد ولوج السيارة التي تقلها إلى منطقتها الشعبية كانت تنتظر تلك اللحظة بفارغ الصبر وما إن وطأت بقدميها باب بنايتها حتى أسرعت في خطاها على الدرج حذرها أوس من خلفها
استدارت نحوه ترد بأنفاس شبه لاهثة
حاضر.
أبطأت في خطواتها الصاعدة للأعلى وقفت أمام باب منزلها تدقه بكفها وانتظرت على أحر من الجمر أن تراها تفتحه لها كما كانت تفعل قديما أشرقت عيناها ولمع وجهها حينما تحققت أمنيتها وأبصرتها أمامها هتفت بسعادة
ماما
ثم ارتمت في أحضانها تقبلها بحب كبير بادلتها والدتها القبلات الودودة قبل أن تعاتبها بوجه ممتعض
سامحيني يا ماما بس الظروف عندي كانت آ...
قاطعتها بتذمر ونظرات مزعوجة على الأخير
خلاص مالوش لازمة العتاب!
ردت عليها ابنتها بضيق محاولة تبرير عزوفها عن استقبالها في المطار
وما إن أبصرت أوس يصعد على الدرج ونظراته القاسېة ترتكز على وجهها حتى تراجعت عن حدتها لتقول برقة
أنا مش زعلانة منك ده إنتي ضنايا الغالية
ضمتها مرة أخرى وربتت على ظهرها بحنو مبالغ فيه. أبعدتها عنها لتسألها باهتمام
ها قوليلي عاملة إيه دلوقتي
أجابتها مبتسمة
الحمدلله في نعمة.
واللي في بطنك
أجابتها متصطنعة الابتسام
جوا يا حبيبتي خشي سلمي عليهم
ولجت إلى الداخل والحماس يملأ صدرها للالتقاء بوالدها الذي اشتاقت إليه وافتقدت أحاديثه المهدئة للروح والباعثة على الأمل والتفاؤل. ظلت فردوس باقية في مكانها تراقب ابن أختها بعينين قلقتين فلن تنطلي عليه بسهولة أكذوبة الأم المهتمة بابنتها توقف قبالتها يرمقها بنظرة قوية اخترقتها وڤضحت خدعتها أمامه ارتجفت من هيبته التي تلبك بدنها ارتعشت بقوة حينما حرك شفتيه لينطق محذرا وهو يشير بسبابته
ادعت الانكسار وهي ترد مدافعة عن نفسها
أنا معملتش حاجة يا ابن أختي.
صاح بخشونة جعلتها تجفل كليا
اسمي أوس باشا ماتنسيش نفسك معايا.
ابتلعت ريقها في حلقها الجاف قبل أن تعاتبه برفق شديد الحرص
بقى دي صلة الرحم يا باشا
لم يحب أبدا أسلوبها الدوني في استجداء عطفه أو حتى الحصول على شفقته لم ينس ليوم ما اقترفته في حق زوجته طغت ذكرياته معها على السطح فقست نظراته وتوحشت ملامحه ثم رد عليها بصوته المتصلب والذي أرعبها كثيرا
أحست بالړعب يجتاحها ارتجفت شفتاها قائلة بانهزام زائف
أنا توبت ورجعت لربنا وأديك شايف بأعاملها إزاي
رد عليها بقساوة ووجه جاف للغاية
شغل الأونطجية دي مايخلش عليا
حركت فمها لتقول
أنا...
قاطعها بغلظة جعلها تنتفض في وقفتها
ولا كلمة زيادة!
أومأت برأسها في خنوع وتحركت مبتعدة عنه لتنجو ببدنها من شره المتراقص في عينيه ورغم هذا فكرت في استمالته نحو أطماعها إذ ربما يوافق على طلبها إن أقنعته بحجة قوية ترددت قبل مفاتحته لكنها حسمت أمرها بالمحاولة فإن وافق كانت هي الفائزة وإن اعترض فلن تخسر شيئا استجمعت جأشها لتقول بصوت شبه مرتبك
طب أنا كنت عايزاك في موضوع كده
نظر لها بازدراء محتقر كان على يقين تام أن نواياها خبيثة وأن شخصها الكريه لن يتغير أبدا استأنفت قائلة بابتسامته جمعت بين الانكسار والرجاء
يعني إنت ماشاءالله ربنا فاتحها عليك من وسع ومعاك شيء وشويات ربنا يزيدك بس يرضيك جدة عيالك تعيش هنا في المكان الموبوء ده
رد ببرود قاس ونظراته المتأففة نحوها تعلو وجهه
أه عندك اعتراض
أشعرتها لهجته الخشنة بأنه على وشك الھجوم عليها وسڤك دمائها دون إبداء ذرة ندم واحدة تخلت على الفور عن أطماعها لترد بتهكم ساخط
لأ خلاص طالما إنت راضي بكده هاتكلم أقول إيه أديني هاحط الجزمة في بؤي وأسكت
علق عليها بعدم اكتراث
يكون أحسن
استشاطت غيظا من ازدرائه العلني لها تركته واقفا في مكانه لتجلس على الأريكة وهي تغلي كمدا وحنقا كټفت ساعديها أمام صدرها ووجهها المشتعل يكاد ينفجر تجاهلها عن عمد وتحرك حولها يجوب الصالة بنظرات فاترة استدار برأسه للخلف حينما سمع صوت والدته تناديه بتلهف
أوس ابني!
لوحت فردوس بذراعها في الهواء ساخرة
اجري
متابعة القراءة