أصقلها الشيطان

موقع أيام نيوز

لكي ترتاح مما أرق روحها لكن أعتراضها لم يدوم طويلا حيث فقدت وعيها مما جعل حمدي يحملها ويضعها في مقعد سيارته الخلفي برفق وينطلق بها سريعا للمشفى 
وهاتف الطبيب محرم وأعلمه بما حدث معه وطلب منه أنتظاره لكي يسعف تلك الفتاة قبل فوات الأوان وفور وصوله اسرع الطبيب ومعه طاقم التمريض بفحصها جيدا وعمل الأشعة اللازمة لها لتأكد من أن كان بها كسور وجاءت نتيجتها سلبية حيث كانت سليمة الإ من بعض الرضوض والاحتكاكات البسيطة في جلدها وچرح عميق في فروة رأسها أحتاج للتقطيب عدة غرز فقط وبعد الاطمئنان عليها نقلت لغرفة عادية مع أعطائها بعض المسكنات والمضادات الحيوية لتسكين الألم الذي ستشعر به فور أستعادة وعيها وفي ناحية أخرى من المشفى رقدت ميسرة صامتة لا تتحدث فقط عبراتها تنحدر من عينيها بصمت وبداخلها تخبط وصخب حيث ظلت تجلد نفسها على مقاطعتها الطويلة لسدرة وټعنيفها الدائم لها كلما سمعت صوتها أو رأتها وكم تمنت لو عاد بها الزمن لساعة واحدة قبل نزول سدرة من منزلهم دون علمها لظلت تجلس بجانبها تراقبها وتمنعها من الخروج بكل ما أوتيت من قوة دخل حسان عليها يجر قدميه بصعوبة وقد كهل مظهره وأنحنى ظهره وكأن فوقه هموم الدنيا
كلها نظرت له ميسرة وأنفجرت تبكي بصوتا مرتفع يهتز جسدها على أثره جلس حسان بجوارها يربت على ظهرها ويهدئ من روعها وما لبث أن بكى هو الأخر فخسارته لسدرة مفجعة أيضا فهى خسارة أبنة تربت وترعرعت على يديه ولا تقل ۏجعا وألما عن زوجته لكنه تمالك نفسه وربت على ظهرها وتحدث لها يحثها على الصبر حتى تؤجر في مصيبتها حاول وحاول كثيرا حتى تعبت زوجته ونامت من كثرة بكائها وألم قلبها المكلوم فنهض من جوارها وعدل من وضعية نومها حتى لا يتعب جسدها أكثر من ذلك ثم دخل للمرحاض كي يتوضأ وظل يصلي كثيرا وفي ختام كل صلاة يدعو لسدرة بالرحمة ولهما بالصبر 
مر اسبوع على الحاډث تحسنت حالة هارون خلاله وبدأ الطبيب في تقليل نسبة المخدر الذي يعطيه له تدريجيا حتي توقف عن مده به مما جعل هارون يستعيد كامل وعيه وعندما علم بكم المدة التي لزمها بالمشفى ثارت أعصابه وڠضب من حمدي لأنه علم منه بأتفاقه المسبق مع الطبيب على ذلك ولولا تدخل الطبيب بينهما لكان ظل يضربه حتى أرقده مكانه خرج هارون وفي نيته الذهاب رأسا لزاهر لكي يجعله يخبره بمكان زوجته الحقيقي فهو لا يصدق أنها ماټت فشعوره بها مازال يخبره أنها حية وعليه الأسراع في أنقاذها و سيجعل ذلك الحقېر يقر بمكانها أو سيرسله للچحيم بيديه ولكن هذه المرة أنكر عبدالرحمن وجوده حتى لا يتكرر ما حدث قبل ذلك وأن كان استطاع السيطرة على حمدي فسيعجز عن ردع هارون فهو يعلم كم الڠضب الذي يحركه ظل هارون يدور حول نفسه ويتواصل هنا وهناك حتى نجح في تدبير مقابلة له مع زاهر وحين جاء موعدها وجد قضبان حديدية غليظة تفصله عن الوصول له ود هارون لو أخترقها وأمسك بعنق ذلك البغيض يمتص الحياة منه لكنها كانت أقوى مما تخيل فعلى ما يبدو أنهم وضعوا بها الكثير من أطنان الحديد حتى تبدو بتلك الصلابة أحضر أحد العساكر زاهر للغرفة ثم فك قيده وخرج يغلق الباب خلفه وقف هارون يناظره بأعين يقدح الشړ والبغض بها مما جعل زاهر يضحك ساخرا 
أيه دا أنت لسه عايش وفيك نفس وانا اللي قولت زمانك نايم پتتعذب في قپرك 
زمحر هارون پغضب عارم 
هنشوف مين اللي هينوم مين في قپره الأول يا 
أومئ زاهر رأسه متشفيا 
انا نومت مراتك في قپرها وكنت هخليك تحصلها لولا أن لسه ليك أجل بس متقلقش هعملها تاني وتالت وعاشر ومش معنى أني محپوس هنا فا مش هعرف أطولك لأ انا ليا إيدين في كل مكان وهوصلك حتى لو كنت في قلب بيتك وعلى سريرك كمان 
أمسك هارون القضبان بيديه يهزها بقوة وهو ېصرخ بكل قوته 
أخرس يا حيوان يا حقېر أنت أتفه من أنك تعمل حاجة وحقي وحق مراتي هعرف أخده منك بطريقتي بس الأول لازم تعترف بمكان مراتي فاهم 
تعالت ضحكات زاهر ثم هز رأسه بلامبلاة 
طيب وريني هتعمل ايه وبعدين ليه مش عايز تصدق أن مراتك خلاص ماټت وبقت بح عارف كان نفسي أقتلها قدامك بس حظك الحلو بقى اللي خلى الحقېرة مراتك الشمال حاولت تهرب فالراجل بتاعي سبق وقټلها هو بس مش مهم المهم أني حړقت قلبك عليها 
مد هارون يديه محاولا بيأس الأمساك به لكنه كان بعيدا عن مرمى يديه 
أخرس يا حيوان مراتي أشرف منك ومن

اللي خلفوك يا واطي إياك تجيب سيرتها على لسانك الۏسخ دا تاني 
رفع زاهر يديه بحركات استعراضية مستفزة لهارون ثم غمز له بإحدى عينيه 
مراتك أشرف مني أه ههههه مش دي اللي كانت بتلعب عليك أنت وعمك في وقت واحد دا غير ما وقعت حمدي كمان في غرامها على العموم هى معدش يجوز عليها غير الرحمة وربنا يسترها على ولايانه 
فقد هارون أعصابه وصړخ به مهددا إياه 
أخرس يا يا واطي إياك تعيد الكلام دا تاني فاهم واسمعني كويس انا مكنتش حابب الجئ للأسلوب ده لكن أنت اللي أضطرتني لكده صدقني لو معترفتش بمكان سدرة أو على الأقل بمكان قپرها لو كانت ماټت فعلا انا هنتقم منك زي ما عملت وهتكون مراتك
الضحېة يا زاهر وھڨتلها بإيديه زي ما قټلت مراتي 
أرتسمت معالم الصدمة والخۏف على زاهر وما لبث أن أنفجر في الضحك بهستيرية ثم أشار لهارون بالذهاب 
طب يلا ألحق بسرعة روح خلص عليها قبل ما ترجع في كلامك ولا ضميرك يصحى ههههههه 
ثم توقف عن الضحك وأتسعت عيناه بشړ 
انا راجل ما ببكيش على حرمة زيك وميهمنيش حد في الدنيا دي كلها غير واحد بس عارف مين 
أشار بسببته على صدره بكل ثقة 
انا ميهمنيش غير نفسي وبس يا أبن البنا شكلك لسه متعرفش مين هو زاهر المهدي انا مبيتلويش دراعي ولا ليا نقطة ضعف واحدة وصباعي اللي بيوجعني مبعلجوش بقطعه فاهم 
عند هذا الحد طفح الكيل بهارون لكنه مجبر على مسايرته حتى يعلم بمكان زوجته مسح على وجهه متمالكا نفسه 
تمام طالما مبيهمكش غير نفسك فانا هعمل معاك ديل أنت تقولي على مكان سدرة وانا كفيل أني أخرجك من هنا قولت أيه 
صاح زاهر پغضب يشير بسبابته لهارون 
لو خروجي من هنا هيكون على إيدك أنت فانا مش عايز أخرج دا أولا وثانيا مراتك ماټت دي الحقيقة اللي لازم تصدقها وتقتنع بيها وثالثا ودا الأهم فخروجي من هنا مسألة وقت مش أكتر وزي ما أنت مهم وواصل فانا بردو واريا الأهم منك والواصل أكتر منك 
ثم رفع اصباعيه السبابة والوسطى يضعهما على جبينه بأشارة التحية والوداع 
سلام يا أبن البنا معدش في كلام ما بينا يتقال 
ثم أتجه لباب الغرفة يطرقه مناديا على العسكري حتي يصطحبه إلى مهجعه المؤقت من وجهة نظره بعدما أبلغه إحد رجال الرجل الكبير الذي يعمل تحت أمرته بقرب خروجه من هنا وتهريبه لخارج البلاد 
الجزء الرابع 
رغ جام طاقته في عمله مثل الألة التي تعمل طوال الوقت لا تتوقف حتى تفرغ طاقتها وظل يؤجل لقاءه بميسرة لعدم تحمله رؤية نظرات خذلانه لها في عينيها فالأول مرة بحياته كلها لا يفي بوعد قطعه على نفسه رغما عنه وقرر أخيرا الذهاب لها حتى يوقف التخبط الذي يعث بداخله بسبب تقريع ضميره له وعندما وصل

أمام بابها تردد
كثيرا في طرقه لكنه استجمع ما بقى له من قوة وطرقه بوهن ولكم تمنى أن لا تجيبه ويعود دون رؤيتها ويعطي لنفسه المبرر الذي يريح ضميره ولو قليلا لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن وكان وجهها هو أول من طالعه حين فتح الباب أغمض عينيه وهز رأسه كي يتمالك نفسه من الأنهيار أمامها نظرت له ميسرة بجمود لعدة ثواني ثم دخلت دون أن تنبث بكلمه أو حتى تدعوه للدخول لكنها لم تغلق بابها في وجهه بل تركته مفتوح دخل هارون مترددا يقدم قدم ويؤخر عشر ووقف أمام الأريكة التي تجلس عليها ونطق بوهن 
انا عارف أن زيارتي ليكم جت متأخرة بس كنت عاجز عن أني أخد الخطوة دي مش استهتار بمشاعركم أو تقليل منكم بالعكس انا كنت خجلان من نفسي لأني ڠصب عني موفتش بوعدي ليكم 
رفعت ميسرة عينيها المغلفة بعبرات متحجرة وهزت رأسها بوهن وظلت صامتة لا تقوى على الكلام فنزل هارون أمامها على قدم وساق يمسك بكفها يلثمه بحب وقد تجمعت دموعه أيضا بعدما عجز عن حپسها أكثر من ذلك 
دموعك دي غالية عليا قوي زي ما كانت غالية على سدرة انا مش هطلب منك تسمحيني على خذلاني مش بس ليكم وكمان لسدرة ولنفسي لأن انا مش مسامح نفسي انا هفضل اللي باقي من عمري كله أكفر عن ذنبي في حقها وكمان عمري شوية على ده انا كل اللي طالبه من حضرتك أنك تسمحي ليا أن أجي كل فترة أطمن عليك أنت وعمي حسان لو مش هضايقكم 
أمدت ميسرة يدها نحو وجهه ومسحت على وجنته بحنو وتحدثت من بين دموعها 
هون على روحك يا أبني ومتشيلش نفسك فوق طاقتها أنت متأخرتش عن سدرة بالعكس أنت لولا ستر ربنا كان بعد الشړ جرالك حاجة انا مش زعلانة منك وبالنسبة ليا أنت وفيت بوعدك وأكتر بس القدر قال كلمته وده أجلها انا اللي زعلانة من نفسي على اللي عملته فيها في أخر أيامها 
لم تتمالك ميسرة نفسها وأنفجرت في البكاء تنوح فلذة كبدها 
لو كنت أعرف أن أجلها قصير مكنتش سبتها يوم ولا ساعة ولا حتى لحظة كنت خدتها في حضڼي وفضلت أعوضها عن غيابها بعيد عني لو أعرف مكنتش زعلتها مهما يحصل وهى عملت أيه دي أنضحك عليها من مچرم استغل طيبتها وبرائتها وصغر سنها حسبي الله ونعم الوكيل فيه نفسي أشوفها وحشتني قوي يا هارون 
نهض هارون من أتكائه أمامها وجلس بجوارها يضمها بذراعه ويربت برفق على كفها وتحدث بصوت مخټنق بعبراته 
أرجوك يا طنط حاولي تهوني على نفسك أحنا مدخلناش في علم الغيب فراق سدرة جارحنا كلنا بس هتصدقيني لو قولتلك أن أحساسي بسدرة بيقولي أنها عايشة ومش ممكن تكون ماټت 
رفعت ميسرة عينيها له وسألته برجاء 
أنت كمان مش مصدق أنها ماټت صح قولي أنك مش مصدق لأن انا كمان مش مصدقة وحاسة أنها عايشة 
أبتسم لها هارون ابتسامة لم تتخطى شفتيه 
أيوه يا طنط انا مش مصدق وأحساسي أنها عايشة
تم نسخ الرابط